الجمعة، ٤ ديسمبر ٢٠٠٩

أنقذوا الصوماليين من أنفسهم


عبد الله حربكانين - الدوحة

الخميس 3-12-2009

المشاهد الدموية التي بثتها قنوات التلفزة اليوم عن تفجير في فندق استهدف خريجي كلية الطب في مقديشو وراح ضحيتها الكثيرون من بينهم وزراء تبعث على الأسى للحال التي وصل إليها وضع الصومال. فبعد أن انتهى عهد أمراء الحرب الذين عاثوا في البلاد فسادا طوال سنوات وجاءت المحاكم الإسلامية للسيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد وساد تفاؤل على أن الصوماليين سيصلون بعد أكثر من عقدين إلى بر الأمان في إنشاء دولة مستقرة تحفظ كرامتهم وتصون حقوقهم، لكن ها هي المحاكم تنقسم على نفسها ويخوض رفقاء الأمس الحرب نفسها لتنغمس البلاد في دوامة من العنف اللا منتهي حتى أن الصومالي البسيط الذي أحبطته سنوات المحنة يجد نفسه غير قادر على تقييم ما يدور حوله، فالكل يقاتل الكل باسم الدين في بلد كل سكانه مسلمين.

زعماء الصومال "الإسلاميين" في الحكم والمعارضة يتقاتلون بلا هوادة ويجعلون من حلم إعادة بناء الدولة أبعد ما يكون. فتفجير انتحاري لنفسه وسط طلاب وأسرهم ظنوا أنهم سيعيشون لحظة فرح نادرة في بلد الموت هذا وهم داخل فندق شامو، وأن فلذة أكابدهم سيخرجون أطباء علهم يضمدون جراح طالما ظلت مفتوحة، فإذا بالمناسبة تتحول لمأتم كبير.

سقط وزير التعليم العالي إبراهيم حسن عدو، وبجانبه وزيرة الصحة قمر أدن علي ووزير التربية أحمد عبد الله وايل من بين 18 قتيلا و30 جريحا في التفجير.

فالتفجير ضربة للتعليم والصحة والتربية ممثلا في الوزراء أولا وهذه المؤسسات الثلاث ثانيا، كما أنه يمثل نقلة خطيرة تظهر النفق المظلم الذي وصل إليه الوضع، فالحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين الذين يخوضان الحرب على "إخوة الأمس" و"إخوة الإسلام"، بدعوى أنهم "كفرة" وأنهم "صناعة أجنبية"، يسيئان كثيرا لنفسيهما وللقيم الإسلامية التي يقولان إنهما يدافعان عنها وأن جهادهما من أجل الصوماليين، فهما في الواقع ينفران الصوماليين البسطاء عنهما. فكيف لهما معا أو أحدهما أن يضرب موقعا مدنيا لطلاب يحلمون بمستقبل واعد كابدوا من أجله سنوات في بلد يعيش الجحيم، وتصور ذلك على أنه هدف مشروع. وعندما تتهم حركة الشباب والحزب الإسلامي حكومة شريف شيخ أحمد بالعمالة لإثيوبيا وأمريكا، ينسيان أنهما متهمان أيضا بالولاء لإريتريا لخوض حرب وكالة مع أديس أبابا على أرض الصومال تصفية لخلافات الجارين المتنافسين.

هل عجز هؤلاء عن تسوية خلافاتهما بالحوار بدل القتال الذي استمر سنين طويلة دون أن يقدم جديدا، أما كان حريا بهذه الأطراف أن تسلك طريقا آخر يفتح أبواب الأمل أمام هذا الشعب الصابر؟ وهم جميعا يدركون أن قضاء أحدهم على الآخر مستحيل؟.

وفي ظل هذا الوضع المتفاقم فشلت كل الجهود الإقليمية والدولية في تسوية أزمة هذا البلد الذي ترعرع فيه جيلان في بيئة "اللا دولة"، فمن يستطيع أن ينقذ الصوماليين من أنفسهم وحالهم يغني عن السؤال، فمصطلحات "موت وتشرد وقرصنة وقتال وسلاح وذخيرة وتفجيرات"، حلت مكان الأمن والخبز والعيش الكريم.

والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق